الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة راية المساعد خلقت البلاء: "فتنة الحسين" تتمدّد...ولعنة "أبو عياض" تتجدّد

نشر في  05 مارس 2015  (12:20)

ما ان كادت عاصفة تداعيات مواجهات النادي الافريقي والنجم الساحلي تهدأ..حتى اندلعت أخرى كان بطلها هذه المرّة المدير التنفيذي للنجم الساحلي وهو حسين جنيّح الذي عاد مجدّدا في تصريح قد لا يتسنّى لوصف "الناري" ايفاءه حقّه بعد الجدل الذي خلقه مساء أمس وقد يلقي بظلاله لأسابيع أخرى...
تغاضى الحكم المساعد كمال مومن عن احتساب هدف للنجم الساحلي ضد قوافل قفصة واعتبره تسلّلا..فيما ذهبت التقييمات الى وصفه بالشرعي والخالي من أية شكوك..وهذا ما كان منطلقا لتعدّي جنيّح على مساعد الحكم ثم نفث "سموم كلامية" بوصفه ب"المسخ" واعتبر خطره موازيا لما يأتيه الارهابي أبو عياض..
قد نعذر لجنيّح "الصغير" حماسته وتألّمه مما اعتبره ظلما تحكيميا طال فريقه مساء أمس، لكن كل المعطيات والمواثيق والأعراف لا تسمح له باصدار مثل تلك التصريحات أمام مصادح بعض الزملاء الذين نعاتبهم بالمناسبة على سلبيتهم المفرطة طالما أنه لم يتجرأ أي كان من الحاضرين على ايقاف نشاز جنيح (أو غيره من مسؤولي مختلف النوادي في حالات موازية) على ما قاله ووصوله حدّ املاء توصيات ونصائح في فنون التعاطي الصحفي مع ما يجري في بطولتنا ...وكان حريّا بهؤلاء أن يطالبوا مسؤول النجم بطرح موقفه عوض بسط نظرياته في الاعلام والصحافة وهذا ما لا نقبله من أيّ كان بما أن حسين توجّه بخطاب مشفّر الى جميع الأطراف بل ووصل حتى الى مطالبتنا كمعشر الاعلاميين بتحديد نوعية المستجوبين وانتقاء المواضيع ومحاور الاهتمام ..وهذا تجاوز صارخ لمهامه ولمعارفه حتى لا نقول شيئا أخر...
منذ فترة احتجب صوت المدير التنفيذي للنجم الساحلي..ولم يتكلّم عن ضربة جزاء شرعية للملعب القابسي في أولمبي سوسة لم يتم احتسابها..وغاب أيضا حين تم اقرار وجود ضربة جزاء للنادي الافريقي في كلاسيكو الأحد الفارط ضد "ليتوال" لم يعلنها محمد أمين بالناصر، ولم يتجرّأ جنيّح الابن على تحمّل مسؤوليته كاملة قصد ردع البريقي والجمل ازاء ما بدر منهما من تصريحات مستفزة تشعل "فتنة في البلاد" عنوانها "زوز فرنك والمليارات"، في وقت أكدت تسريبات موثوقة أن الخطاب الصادر عن اللاعبين المذكورين تم املاؤه عليهما في حجرات ملابس ملعب رادس..
أين اختفى انذاك صوت الشرعية والمعقولية لدى جنيّح حين ترك الباب مفتوحا أمام نيران تصريحات وكلام مضادّ ينتظر صدوره بين الفينة والأخرى على شاكلة ما نطق به فاروق بن مصطفى عشية أمس في جربة..هل أدرك مسؤول النجم أن مهامه ووظيفته تفرضان عليه أحيانا تعديل الرمي كلما استوجب الأمر ذلك..أم أنه نظر فقط الى نصف الكأس الملآن وتغاضى لسبب أو لأخر عن سقطاته هو ولاعبيه؟
نعتزّ كثيرا بمدرسة النجم الساحلي..وانتشينا أيضا لكلام فوزي البنزرتي وهو من أكثر الوجوه الرياضية التي اعتادت على التصريحات المشحونة في مختلف المحطات التي مرّ بها..انتشينا حين خرج البنزرتي البارحة ليقول ان للاعبيه وطريقة تصرّفهم مع مجريات اللقاء جانب كبير من المسؤولية في الاكتفاء بالتعادل...وهذه غابت عن جنيّح الذي كان مطالبا أيضا باعادة بغداد بونجاح الى الجادّة وهو الذي تعدّدت "غزواته " تجاه جماهير المنافسين والحكام..ولكن كل ذلك غاب عن الطرف المعني بهذا الكلام..وهو المطالب بالكثير من الرصانة التي يفترض أن تتوفر في شخص سليل عائلة رياضية عريقة لقبها جنيّح..والدليل أن والده عثمان ورغم ما طاله من ظلم كروي سابقا فانه لم يقدم على الادلاء بكلام حتى في نصف خطورة ما قاله نجله...
صوت جنيّح الابن غزا البارحة كل الاذاعات والتلفزات..وتحرّك في جميع الاتجاهات لتفعيل نظرية المؤامرة وتهييج قاعدة جماهيرية كبيرة نتمنى ألا تتأثر بكلام في منتهى الخطورة، فحسين بحث بكل الطرق عن تجريم الكردي ومساعديه وضغط بحجّة اقالة توفيق الوسلاتي رئيس لجنة تعيينات الحكام المساعدين لاضفاء المشروعية على نبرته الساخطة..وهذا خطأ أخر من جامعة الجريء التي أكدت للمرة الألف أن نسيجها مرتبك وضعيف، فلو كانت مقتنعة بأن الخلل كامن في لجنة تعيينات المساعدين..فلماذا لم تتحرّك قبل اللقاء اذا توفرت القرائن والمستندات..ولماذا غاب بلاغها الرسمي الى حد الساعة ان كان ما حصل البارحة في أولمبي سوسة كارثة حقيقية..غير أنه ثبت مجدّدا أن التشبث بوهم الكرسي والسلطة والشرعية هو كلّ همّها ومبتغاها، ويبيح لجماعة الجريء حتى اتيان الشيء ونقيضه مهما اهتزت الصورة ..طبعا لغرض في نفس ملعون وهو تثبيت الذات وعدم اسقاط ما تبقى من حياء وشرعية على هذا المكتب المتآكل...
صحيح أن المنظومة الكروية برمّتها على شفا الانهيار ببلادنا وتتعدد مواطن الوهن فيها بين لاعبين ومسؤولين وحكّام..ولكنها لا تتلخّص مجملها في مجرّد الغاء هدف شرعي أو اقرار عكسه..بل أن المسؤولية تعني أيضا التصريحات المتّزنة والحياد الصحفي وكذلك القرارات الجريئة للهياكل الكروية..
كلام جنيّح يبدو أنه خدّر الكثيرين والدليل أن من حضروا البارحة في "بلاتوه الوطنية" فقدوا حاسة التفاعل والنطق والكلام، وخانتهم الجرأة لمعاتبة أمين موقو الناطق الرسمي للنجم ومن ورائه جنيح "قائد أوركسترا التجييش والتحريض"..فالمنطق يفرض أن تكون الاجابة واضحة وهي أن الخطأ موجود حقا من مساعد الحكم، وذلك عوض أن يعود عمار السويّح مثلا الى تاريخ 13 سنة مضت ليؤكد أن النجم تعرض تحت قيادته الى أخطاء تحكيمية..ولو تمعّن البعض في فحوى كلام السويّح لتذكّروا أن جنيّح الأب صبر عليه انذاك وأجّل قرار اقالته مرارا، وهذا ما دفع ب"الكوتش" البارحة الى ردّ جميله بتطبيق ما فحواه "وهل جزاء الاحسان الا الاحسان"..
بعيدا عن التعاطي الاعلامي مع ما جدّ يوم أمس، فانه كان حريّا باداريي النجم المرور الى طرق الاحتجاج الرسمية واللبقة التي تليق بمقام ناد بلغ من العمر تسعين عاما وكوّن عديد القامات الرياضية المديدة التي شرّفت صورة البلاد ولكنها لم تصل حدّ اتهام مساعد حكام بممارسة الارهاب الكروي ووصف فعلته ب"المسخ"...
هذا كلام أجوف لن يغيّر من نتيجة اللقاء..كما أن مواجهة أولمبي سوسة ستليها 11 مباراة أخرى لتقرير مصير اللقب..وهذا كاف على ما نظنّ لتوضيح ما مفاده أن "الوان مان شو" كان رديئا للغاية ولا يشرّف لا كرتنا ولا بلادنا التي لا تحتاج الى مثل هذا الكلام الممعن في تقسيم ترابها...
جنيح مرّ أيضا الى تحميل وزير الرياضة مسؤولية فيما جرى واستدلّ باحتجاج سابق فحواه أن تعيين ماهر بن ضياء وهو ابن حزب سليم الرياحي يحمل عديد القرائن والدلائل المجرّمة له حتى قبل الشروع رسميا في مهامه..وهذا تحليل سخيف على ما نظن لأن الرجل أصيل المكنين وهو "ايتواليست" بالفطرة وفقا لذلك..ولا نظن أن الوزير يعرف مثلا انتماءات الحكام وحتى أسمائهم حتى يدخل تحت طائلة لعبة قذرة..ولو كان الوزير نافذا وفاعلا بحقّ في اتجاه خدمة الافريقي، ما كان مثلا للنجم القدرة على هزم نادي باب الجديد في قلب ملعب رادس مع وجود خطأ فادح من الحكم الخامس يومها وسيم بن صالح بتجاهله لضربة جزاء تم اقرار شرعيتها لاحقا.. ثم ان السؤال المحوري الذي يفرض نفسه على هامش مزج الرياضة ببهارات سياسية بحشر اسم سليم الرياحي ففحواه:"أين كان جنيّح الابن حين ثبت تمويل سليم الرياحي خزينة النجم بربع مليار منذ ثلاث سنوات تقريبا وتم تداول صورة "الصك" المذكور في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي"؟
ختاما، وحتى لا يقرأ هذا الكلام على أنه استهداف لشخص حسين جنيح أو للنجم الساحلي من ورائه، لا بدّ من التذكير أننا عاتبنا رياض بنور على قوله الشهير "حيوط رادس تتكلم"، وكذا الحال مع لطفي عبد الناظر بتوصيفه "بطولة العار" وأيضا منهج استفزاز سليم الرياحي لل"سواحلية" حين دعا كبارات الجهة والنادي الى ضخّ الأموال عوض التباكي..ولأجل كل ذلك فاننا نعاتب حسين جنيح مجددا عما بدر عنه في لحظات تشنّج فاقت الحدود ونذكره بالقول "وتلك الأيام نداولها بين الناس".
نؤكد مجدّدا أن الرهان عادي ولا يحتمل تجريم الحكام والمنافسين بمثل هذه الأوصاف ..فللمساعد "الارهابي المسخ" عائلة..وللمنافسين تاريخ وجماهير.."فمن كان بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة"..وكما تعرّض النجم للظلم (وهذه ثابتة فعلا) فانه انتفع أيضا من أخطاء تحكيمية..وهذا مألوف في نواميس الكرة لمن خبرها ولم يتعامل معها بمنطق "انصر أخاك ظالما أو مظلوما"..فحذار من اللعب بالنار ومزيد الاستهتار..

طارق العصادي